-->
U3F1ZWV6ZTQzNzY1MTc3MzUyX0FjdGl2YXRpb240OTU3OTkwNzU4NDg=
recent
شريط أوغاريت

ضفة الحواجز: حيث تعيد مكعبات الاسمت رسم ملامح الضفة الغربية

ضفة الحواجز: حيث تعيد مكعبات الاسمنت رسم ملامح الضفة الغربية 

الحواجز في الضفة الغربية بعد 7 اكتوبر

كتب احمد ابوعلي


في البلاد التي تلد فيها الجبال أطفالا من حجر وصبر، تقف الحواجزكوحش يبتلع الوقت. هذه ليست مجرد أسلاك أو أكياس رمل ممزقة او مكعبات اسمنت صماء ، بل كائنات تتنفس، تخطف أنفاس الواقفين باجتراء وقح ، تجزئ الطرقات إلى شظايا زمن لا تُجمع. كل حاجز هو باب إلى عالم موازٍ: عالم يُقاس بالدقائق التي تتبخر، بالوجوه التي تشيخ قبل أوانها، بصرخات تُحبس خلف أسنان مطبقة.


في الضفة صارت الحواجز ساعات معلقة على جدار الوجود. الفلاح يعد خطواته بدل خطوات الفجر، والطالب يحمل كتبه وكأنها خريطة هروب من متاهة أسمنت وأسئلة. حتى القهوة في فناجين المقهى القديم صارت تُراقب بقلق: هل يكفي الزمن لنؤدي حياتنا قبل إغلاق الحاجز؟

لكن في زوايا هذا السجن المفتوح، تُخبئ الأرض أسرارها. طفل يزرع بذرة في شق جدار عسكري، وامرأة تحيك غطاء لشتاء الحواجز من خيوط ذكريات قديمة. هنا حيث يُحاصر الأفق، يعيد الإنسان اختراع الحياة بلغة لا تُفككها أرقام الحواجز.. لغة الورود التي تنبت من أصابع اليائسين.



البداية: الحواجز تصنع زمنا آخر


لم تكن أم لؤي تعرف أن طرقات الضفة ستصير شرنقة أسلاك. تستيقظ قبل الفجر لتجهز أولادها للمدرسة، لكن صباح السابع من أكتوبر سرق منها حتى رائحة القهوة. تقول وهي تمسح زجاج النافذة: الآن كل صباح رحلة إلى المجهول.. الجنود يفتشون حتى نظرات الأطفال.

حواجز اسرائيلية في الضفة الغربية


الفصل الأول: سليم وحجر القدس

سليم عامل البناء الذي كان يحمل حجرا يشبه إرادته، صار يحمل صبرا من نوع آخر. يقول لرفاقه في طابور الحاجز: الوقت هنا يُباع بالدموع.. أحيانا أنتظر ساعات لأثبت أنني إنسان. في عينيه حكايات عن شمس تشرق خلف المتاريس، وعن بيوت في القدس لم يكمل بناءها.

الفصل الثاني: صرخة الإسعاف

منى الممرضة التي كانت تنقل الحياة في سيارتها، صارت تنقل الموت. تروي: ذات ليلة حملنا طفلة مريضة.. دمها كان ينزف بسرعة، لكن الحاجز كان ينزف وقتنا أسرع. صوت أم الطفلة لا يزال يرن في أذنيها: لماذا لا يفهمون أن القلب لا ينتظر؟


الفصل الثالث: أطفال يرسمون على جدار الخوف

ليلى ذات العشر سنوات لا تحب الأرقام. تقول وهي ترسم وردة على حاجز إسمنتي: الأسلاك باردة لكن ألواني تدفئها. في زقاق القرية يتناقل الأطفال لعبة جديدة: من سيجد أكثر وردة نابتة بين الشوك؟


الفصل الرابع: المقاهي التي تحولت إلى ذاكرة

كان مقهى أبو محمود مكانا للحكايات، لكنه الآن أشبه بمتحف للغبار. يقول وهو يقلب فناجين لم تُستخدم: كنت أبيع القهوة والأحلام.. الآن حتى الرائحة هربت. على الجدار صورة لرجل عجوز كان يأتي يوميا.. مات وهو ينتظر تصريحا لزيارة ابنه في رام الله.


الفصل الخامس: الطالب الذي علمه الحاجز الهندسة

علي طالب الهندسة يحمل حقيبته وكأنها وطن مصغر. يقول: تعلمت من الأسلاك أن الأرقام لا تصنع الإنسان.. 3 حواجز، 5 ساعات انتظار، 10 جنود يفتشون وجهي.. لكني ما زلت أحلم ببناء جسر.


الحواجز في الضفة الغربية



 الأرقام التي لا تُكذب


الحواجز والحركة:

ارتفع عدد الحواجز العسكرية في الضفة من 80 إلى 300 حاجز بعد أكتوبر 2023 (منظمة "بيتسليم" الحقوقية، يناير 2024).
45% من أطفال الضفة يتغيبون عن المدرسة أسبوعيًا بسبب الحواجز (يونيسف، مارس 2024).


العمالة اليومية:

انخفاض عدد العمال الفلسطينيين في القدس من 12 ألفًا إلى 3 آلاف يوميًا (اتحاد العمال الفلسطينيين، فبراير 2024).
متوسط وقت العبور للحواجز ارتفع من 20 دقيقة إلى 3 ساعات (تقرير الأمم المتحدة، أبريل 2024).


الصحة:

60% من حالات الولادة الطارئة تتأخر بسبب الحواجز (منظمة الصحة العالمية، 2024).
تسجيل 38 حالة وفاة لأطفال ومرضى خلال 4 أشهر بسبب تأخر الإسعاف (هيئة الإغاثة الطبية الفلسطينية).


الاقتصاد:

إغلاق 450 محلًا تجاريًا في نابلس وحدها (غرفة تجارة نابلس، مايو 2024).
تراجع حركة السوق بنسبة 70% مقارنة بالفترة السابقة (نفس المصدر).


التعليم:

55% من طلاب القرى تأخروا عن امتحانات الفصل الأول (جامعة بيرزيت، ديسمبر 2023).
120 طالبًا جامعيًا انقطعوا عن الدراسة بسبب صعوبة التنقل (نفس المصدر).


الصحة النفسية:

78% من الشباب في الخليل يعانون أعراض اكتئاب حاد (مركز "مسارات"، مارس 2024).
ارتفاع حالات القلق في العيادات النفسية من 10 إلى 35 أسبوعيًا (تقرير طبي خاص بنابلس).

المصادر:

 تقارير أممية، منظمات حقوقية فلسطينية ودولية، وبيانات رسمية من مؤسسات الضفة المحلية.

 الضفة تزرع الحياة في شقوق الأسمنت


في قرية نائية تجتمع النساء حول معرض لوحات من قشور البيض. إحداهن تقول: الأسلاك تحاصر الأرض لكنها لا تعرف أن جذورنا أعمق. الأطفال يلعبون بالحجارة، والشيوخ يروون حكايات عن وحوش تُهزم دائما.. هنا الحياة تصنع انتصارها بلغة لا تفهمها الحواجز.


مواضيع شبيهة : 

الفلسطينيون يواجهون الاحتلال بالتكنولوجيا !


الاسمبريد إلكترونيرسالة