بقلم: فريق أوغاريت | عن مقال ستيفن والت في مجلة فورين بوليسي
في مشهد يزداد ضبابية، وتحت وقع قرارات متسارعة لا تخلو من الجدل، يكتب أستاذ العلوم السياسية ستيفن والت في مجلة Foreign Policy الأمريكية تحليلًا لافتًا حول الكيفية التي قد تؤدي بها سياسات الرئيس السابق دونالد ترمب إلى تدمير الولايات المتحدة من الداخل، وتقويض مكانتها عالميًا. يرى والت أن هناك خمس خطوات قاتلة تسير فيها أمريكا تحت تأثير هذه السياسات، مشبهًا المشهد السياسي الحالي بما عاشته أنظمة استبدادية عبر التاريخ.
1. الولاء الأعمى بدل الكفاءة
من أخطر ما ارتكبه ترمب، بحسب والت، أنه أحاط نفسه بأشخاص يدينون له بولاء شخصي، لا يملكون الجرأة على النقد أو المعارضة. هؤلاء، في نظره، لا يمثلون سوى صدى لصوت الرئيس، يُنفّذون أوامره دون نقاش، في تكرار مرعب لما فعله هتلر وستالين وصدام حسين. إقصاء الكفاءات وتهميش العقول النقدية يجعل من الإدارة بيئة خصبة للأخطاء الفادحة، دون أن يعترض أحد.
2. افتعال صراعات مع أكبر عدد ممكن من الدول
في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى التوازن والاستقرار الدولي، اختار ترمب فتح جبهات عدائية متعددة، وخلق توتر مع حلفاء تقليديين. خلال فترة قصيرة:
-
سخر من فكرة شراء غرينلاند من الدنمارك.
-
هاجم الاتحاد الأوروبي وأهان الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
-
اقترح أن تصبح كندا الولاية 51.
-
خاض حربًا تجارية ضارية مع الصين.
هذه التصرفات، وفق والت، تنسف ما بنته أمريكا على مدى عقود من الدبلوماسية والتوازنات الدولية.
3. القومية المفرطة تقطع الجسور
شعار "أمريكا أولًا" لم يكن مجرد حملة انتخابية، بل تحوّل إلى نمط تفكير إقصائي عزز القومية المفرطة، ليس في الولايات المتحدة وحدها، بل ألهم موجات قومية مشابهة في أوروبا وكندا. رئيس الوزراء الكندي، على سبيل المثال، فضّل تعميق التعاون مع الصين والاتحاد الأوروبي ردًا على تصريحات ترمب الاستفزازية.
النتيجة؟ تقلص احترام العالم لأمريكا، وزيادة الاعتماد على بدائل استراتيجية مثل الصين.
4. الانسحاب من النظام العالمي
انسحبت إدارة ترمب من سلسلة من الاتفاقيات والمنظمات الدولية، منها:
-
منظمة الصحة العالمية
-
منظمة التجارة العالمية
-
اتفاقيات التجارة الحرة
-
تهديده بالخروج من حلف الناتو
هذه الخطوات دفعت دول العالم إلى إعادة رسم خرائط تحالفاتها بعيدًا عن واشنطن. ومع ذلك، يقول الاتحاد الأوروبي بثقة: "إذا انسحبت أمريكا، يمكننا الاستمرار بدونها."
5. ضرب مراكز البحث والعلم
الضربة الأعمق كانت داخلية. فبدلًا من دعم المؤسسات العلمية، عمد ترمب إلى إضعاف الجامعات الكبرى مثل هارفارد وكولومبيا، وقلّص تمويل مراكز الأبحاث، بل وعيّن شخصيات مثيرة للجدل كروبرت كينيدي جونيور في مواقع حساسة رغم عدائه المعلن للعلم.
هروب العقول، وإغلاق نوافذ البحث، يعني تراجع الابتكار، وبالتالي انهيار البنية التي تقوم عليها القوة الأمريكية اقتصاديًا وعسكريًا.
بالمحصلة: تدمير ممنهج من الداخل
يختم ستيفن والت مقاله بتحذير صريح: ترمب لا يرتكب أخطاءً فردية، بل يسير بخطى ثابتة نحو تفكيك أمريكا، داخليًا وخارجيًا. وما يزيد الطين بلّة؟ أن كثيرين لا يزالون يرون في هذه السياسات "قوة" أو "عبقرية غير مفهومة".
ربما لن تسقط الولايات المتحدة فجأة، لكن المؤشرات التي يرصدها والت توحي بأن الخلل بدأ يتسلل من الداخل... خطوة بخطوة.
✅ الكلمات المفتاحية (Keywords):
-
تدمير أمريكا
-
سياسة ترمب الخارجية
-
ستيفن والت فورين بوليسي
-
دونالد ترمب والولايات المتحدة
-
كيف تنهار أمريكا
-
القومية الأمريكية
-
انسحاب أمريكا من المنظمات الدولية
-
انهيار الولايات المتحدة
-
تحليل سياسي أمريكي