طبقات الأرض: قصة في أعماق الكوكب
مع كل لحظة نعيشها في حياتنا التي نظنها صاخبة على سطح الأرض، فوق الجبال والسهول والمحيطات، ثمة قصة هائلة وصاخبة اكثر تدور تحتنا... عالم من الخفاء لا يرى بالعين المجردة لكنه يحكم حياتنا دون أن نشعر.
إنها قصة باطن الأرض، الطبقات التي تتشكل منها ارضنا ، وهي اساس كل ظاهرة جيولوجية نراها من زلازل وبراكين وانجرافات قارية.
النص التالي البسيط هو دعوة لفهم تلك الأعماق المجهولة، بأسلوب قصصي علمي بسيط، يساعدك عزيزي القارئ على الفهم والتعمق في تركيب كوكب الأرض، من القشرة وحتى اللب الداخلي ..
القشرة : حيث تبدأ الحياة وتنتهي المعرفة
القشرة الأرضية هي الطبقة التي نسير عليها، نبني فوقها بيوتنا، ونزرع فيها طعامنا, هي ببسااطة الطبقة الصلبة من سطح الارض ومع كل اتساعها الذي تراه عزيزي ، فهي لا تتجاوز 1% من كتلة الأرض !!
تنقسم القشرة إلى نوعين:
-
القشرة القارية: تتكون في الغالب من صخور الجرانيت, سميكة لكنها اقل كثافة .
-
القشرة المحيطية: أرق وأكثر كثافة، وتتكون من البازلت والجابرو.
في الحقيقة فان كل ما نعرفه عن الأرض عمليًا، نأخذه من هذه الطبقة. حيث لم يتمكن الإنسان من الحفر أعمق من بضعة كيلومترات فيها. لكن مع كل هذه الضبابية والجهل والمجهول ، استطاع العلم أن يرسم لنا خريطة دقيقة لما يقع تحت هذه القشرة .
الزلازل والموجات الزلزالية : كاشفة الاسرار !
عندما تحدث الزلازل، تتحرر طاقة كبيرة على شكل موجات زلزالية. هذه الموجات ليست مجرد اهتزازات، بل هي بالنسبة للعلماء أدوات للكشف, تمامًا مثلما يستخدم الأطباء الأشعة لرؤية ما بداخل الجسم، يستخدم الجيولوجيون الموجات الزلزالية لفهم ما بداخل الأرض.
-
الموجات الأولية (P-waves) تتحرك بسرعة وتخترق المواد الصلبة والسائلة.
-
الموجات الثانوية (S-waves) تتحرك أبطأ، لكنها لا تمر إلا عبر المواد الصلبة.
عندما تصل الموجات إلى أعماق معينة وتبدأ بالانكسار أو التوقف، يعرف العلماء أن المادة التي تمر بها قد تغيرت – من صلبة إلى سائلة، أو من طبقة إلى أخرى. بهذه الطريقة، تم اكتشاف وجود اللب السائل، واللب الصلب، والوشاح.
على ذكر الوشاح !
الوشاح هو الطبقة التي تلي القشرة مباشرة، ويمتد إلى عمق يقارب 2900 كيلومتر. يتكون من صخور صلبة ولكنها تتحرك ببطء شديد بفعل الحرارة. الوشاح هو المحرك الأساسي لحركة الصفائح الأرضية، فهو الذي يسبب البراكين، الزلازل، وانزياح القارات.
أهم ما يميّز الوشاح هو وجود الأسثينوسفير، وهي طبقة شبه منصهرة تسمح للصفائح التكتونية بالانزلاق فوقها.
الحرارة في هذه المنطقة ترتفع تدريجيًا، ومعها تتكون تيارات الحمل الحراري، وهي حركات دورانية تنقل الحرارة من الأسفل إلى الأعلى، تمامًا كما يحدث في إناء ماء موضوع على النار. هذه التيارات هي المسؤولة عن تحريك القشرة فوقها.
اللب الخارجي: بحر المعادن المنصهرة
مع الاستمرار في الغوص نحو الأعماق، نصل إلى اللب الخارجي، وهو عبارة عن طبقة سائلة بالكامل تتكون من الحديد والنيكل المنصهرين. هذا اللب يدور باستمرار حول اللب الداخلي، مولدًا المجال المغناطيسي للأرض، الذي يشكل درعًا واقيًا من الإشعاعات الشمسية القاتلة.
العلماء يعرفون أن هذا الجزء سائل لأن الموجات S لا تستطيع المرور فيه، بينما تتباطأ الموجات P بشكل واضح عند دخوله.
اللب الداخلي: قلب الكوكب الصلب
في مركز الأرض تمامًا، وعلى عمق يزيد عن 5100 كيلومتر، يكمن اللب الداخلي. هو عبارة عن كرة صلبة مكونة من الحديد والنيكل، رغم أن درجة حرارته تفوق 5000 درجة مئوية – أي أعلى من سطح الشمس! لكن الضغط الهائل الناتج عن وزن الطبقات التي تعلوه يجعله في حالة صلبة رغم حرارته العالية.
هذا الجزء من الأرض لا يزال غامضًا في كثير من جوانبه، لكن يُعتقد أن حركته البطيئة تساهم أيضًا في تعزيز المجال المغناطيسي للأرض.
خريطة الأرض من الداخل
للتلخيص، إليك جدولًا يوضح طبقات الأرض الأساسية:
الطبقة | العمق التقريبي | الحالة | التكوين | الملاحظات |
---|---|---|---|---|
القشرة | 0 – 70 كم | صلبة | صخور (جرانيت/بازلت) | الطبقة السطحية |
الوشاح | 70 – 2900 كم | صلبة وشبه منصهرة | بيريدوتيت | مسؤولة عن حركة الصفائح |
اللب الخارجي | 2900 – 5100 كم | سائل | حديد ونيكل | يولد المجال المغناطيسي |
اللب الداخلي | 5100 – 6371 كم | صلب | حديد ونيكل | مركز الأرض |
لماذا ندرس باطن الأرض؟
-
لفهم أسباب الزلازل والبراكين.
-
لتفسير نشأة القارات وحركتها.
-
للكشف عن مصادر الطاقة والمعادن.
-
لفهم المجال المغناطيسي وتأثيره الحيوي على الحياة.
هل كنت تعلم؟
-
أن اللب الداخلي للأرض بحجم القمر تقريبًا؟
-
أن القشرة الأرضية التي نعيش عليها أرق من قشرة تفاحة مقارنة بحجم الأرض؟
-
أن المجال المغناطيسي الذي يحمينا مصدره الحديد السائل تحتنا؟
أن اللب الداخلي للأرض بحجم القمر تقريبًا؟
أن القشرة الأرضية التي نعيش عليها أرق من قشرة تفاحة مقارنة بحجم الأرض؟
أن المجال المغناطيسي الذي يحمينا مصدره الحديد السائل تحتنا؟
في الختام
رغم أننا لم نحفر أبدًا إلى لب الأرض، إلا أن الطبيعة زودتنا بأدوات لفك ألغازها , فكوكبنا ليس مجرد كرة صخرية صماء ، بل منظومة ديناميكية مذهلة ومتكاملة . كل زلزال وكل بركان هو جزء من نبض هذا العملاق الحي , فسبحان الخالق العظيم كيف يدير كونه المتسع المهول بنسق رتيب وبدقة لا متناهية وبعظم شديد دونما غلطة واحدة !